التنمية البشرية بكافة تخصصاتها انتشرت في الآونة الأخيرة بالعديد من الدول وذلك خلال العشرين سنة الماضية وتزايد الاقبال عليها واشتهر العديد من المحاضرين المتخصصين بالمجال وبعد التزايد والاقبال الشديد عليها أصبحت فترة تحقيق النتائج فهل يا ترى تم الاستفادة منها وماهي حقيقتها ولماذا اعتبرها البعض خداع؟
يقول أحد الأفراد ممن كان مهتم بكافة المحاضرات الخاصة والمنتمية لتخصص التنمية البشرية ” لقد اندمجت كثيراً في هذه الدورات التدريبية وأصبحت مهووساً بها بهدف الوصول للثراء أو النجاح أو تحقيق أهداف كبيرة ولكن لم أصل إلى نتيجة واضحة أو مرضية كما كنت أهدف وكما كنت أسمع في المحاضرات التي أحضرها فهي تجعلني شخصاً آخر حينما أحضر ولكن سرعان ما أجد فراغاً بعد انتهاء المحاضرة ولا أعلم ماذا أفضل أو أتصرف أو من أين أبدأ مما جعلني أشعر بأنني تائه إلى حد كبير”
التنمية البشرية هل هي تخصص؟
نقول بأنه قد أخطأ الكثير من رواد هذا التخصص بأنهم اعتقدوا أن هذه الدورات والمحاضرات هي تخصص بحد ذاته سوف ينقل الشخص لمسار تخصصي أو مجال علمي معين يساهم في إيجاد فرصة للحياة المهنية والعملية من خلاله وأيضاً العديد من المحاضرين قصّروا في توضيح ماهية هذه المحاضرات والهدف منها وبأنها هي جزء من تنمية الفكر وتحفيز النفس وليست تخصص بحد ذاتها يدرسها الطالب ليحصل على مجال عملي أو مسار مهني من خلالها، فهي تحفز المهندس ليتميز بمجاله والطبيب ليكون أكثر حباً لعمله ولتساهم في بناء شخصية ذات امتيازات ومبادئ أعلى وقابلية لبناء المجتمع من خلال مهنته الأصلية وليس لصناعة مهنة بحد ذاتها.
هل استفاد المجتمع من التنمية البشرية كتخصص؟
بعض الأشخاص ممن تم سؤالهم حول هذا الموضوع أجابوا بأن المجتمع بدأ ينظر لمثل هذه المحاضرات كونها ما يسمى ” بيع كلام ” فهي لا تمنح أي إضافة أو قيمة حقيقية للأفراد أو للمجتمع بشكل مباشر بل تساهم في بناء ما يسمى بأحلام اليقظة والتقاعس والتكاسل بناءً على تضخيم الأنا لدى الحضور لمثل هذه المحاضرات دون فائدة مرجوه.
والحقيقة بأن مثل هذه المحاضرات جيدة إلى حدٍ ما في كونها تحفز الأفراد وتدفع بهم الى النجاح، ولكن لابد أن تتكامل بتوضيح هذا التفصيل لمن يحضرها وعدم بيعهم وهم النجاح الزائف من خلال شعارات وأمنيات وترديد عبارات أو توكيد نوايا غير صحيحة وغير ذات قيمة وغير واقعية ولا تلامس مهارات الشخص أو تدفعه لتطوير نفسه في مجالاته وتخصصاته.
من هو المحاضر الأفضل؟
انطلقت شعارات لمسميات المحاضرين واشتهر البعض بناءً على طريقته الفكاهية أو أسلوبه الحماسي أو غيرها من المميزات التي تميز محاضراً عن آخر، وأصبح العديد ممن يجد في نفسه حماساً وحباً لهذا المجال يتحول من متدرب إلى محاضر ليلقي ما في جعبته من أفكار ومعلومات بأسلوبه الخاص والذي قد يجذب جمهور مخصص له ضمن نطاق التنمية البشرية.
وهذا الأمر ساهم في إيجاد مجتمع غير ناضج حول هذه المحاضرات لتفاوت القدرات والمهارات والإمكانات في تقديم مثل هذه المحاضرات بعد دخول من هو غير مختص لمثل هذا المجال دون علم أو خبرة تمكنه من التواجد والإفادة للجمهور.
وقد عبر العديد من مسئولي معاهد التدريب عن استيائهم لظاهرة انتشار المحاضرين والمدربين غير المتمكنين ودخولهم لمجال التدريب بشكل عشوائي تحت بمسمى ” مدرب تنمية بشرية” دون تحديد لمستواهم من جهة ذات اختصاص
فيمكن لأي شخص راغب الدخول لعالم التدريب ويصبح مدرب ولكن يتوجب عليه اتباع خطوات معينة مثل أن يتدرب على أن يكون مدرب من خلال دورات تدريب مدربين وتأهيلهم لفهم التدريب ومهارات المدرب ومهارات الالقاء، ومن خلال تقسيم المستويات بأن يوضح المبتدئ من الممارس والمحترف وتفاصيل المحتوى الذي سوف يتم طرحه وليس فقط عنوان غريب جاذب كما انتشر في الآونة الأخيرة.
الخلاصة حول التنمية البشرية.
نوضح باختصار في نهاية هذا المقال بأن التنمية البشرية هي محاضرات ودورات لتنمية مهارات الشخص ليتمكن من تطوير نفسه ضمن مساره المهني وتخصصه وليست تخصص بحد ذاتها، فيجب مراعاة هذه النقطة الهامة للفصل في هذا الأمر، كما أنها مفيدة حينما تكون بهدف التحفيز والتغيير النفسي للشخص لإيجاد دوافع واستحداث أفكار ضمن مجاله الوظيفي أو المهني أو تجارته وتوسيع مدارك الشخص عندما يتم اختيار الدورات المناسبة والمدرب أو المحاضر المتمكن والملائم في مجال التنمية البشرية.