إعادة اختراع المدرب التقليدي خلال 90 يومًا

مقدمة علمية حول الحاجة إلى إعادة اختراع المدرب

إعادة اختراع المدرب التقليدي خلال 90 يومًا : يشهد مجال تدريب المدربين تحولات جذرية نتيجة التطور المتسارع في المعرفة، والتكنولوجيا، وسلوك المتعلمين. لذلك، لم يعد نموذج المدرب التقليدي، الذي يعتمد على التلقين ونقل المحتوى، كافيًا لتحقيق الأثر التعليمي المطلوب. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت المؤسسات والمتدربون يبحثون عن مدربين قادرين على إحداث تغيير حقيقي وقابل للقياس. من هنا، تبرز أهمية إعادة اختراع المدرب التقليدي خلال فترة زمنية مكثفة لا تتجاوز 90 يومًا، اعتمادًا على أسس علمية ومنهجية واضحة.

مفهوم المدرب التقليدي وحدود فاعليته

يرتكز المدرب التقليدي غالبًا على الخبرة الشخصية والعرض المباشر للمحتوى. ومع ذلك، فإن هذا النموذج يواجه عدة تحديات. فعلى سبيل المثال، ينخفض مستوى التفاعل داخل القاعات التدريبية، كما يتراجع الاحتفاظ بالمعلومة بعد انتهاء البرنامج. علاوة على ذلك، يتجاهل هذا النموذج الفروق الفردية بين المتدربين. لذلك، تؤكد الدراسات الحديثة في علم التعلم أن المدرب لم يعد مصدر المعرفة الوحيد، بل أصبح ميسرًا لعملية التعلم.

الإطار الزمني لإعادة الاختراع: لماذا 90 يومًا؟

يعتمد تحديد 90 يومًا على نماذج التغيير السلوكي والتعلم التحويلي. حيث تشير الأبحاث إلى أن هذه المدة كافية لاكتساب مهارات جديدة، وإعادة بناء الهوية المهنية، بشرط وجود خطة واضحة. بالإضافة إلى ذلك، تسمح هذه الفترة بتطبيق التعلم، ثم مراجعته، ثم تحسينه بشكل تدريجي. لذلك، تُعد 90 يومًا إطارًا عمليًا يجمع بين العمق والمرونة.

المرحلة الأولى (الأيام 1–30): إعادة بناء العقلية المهنية للمدرب

في هذه المرحلة، يبدأ المدرب بتفكيك افتراضاته السابقة حول التدريب. أولًا، يعمل على الانتقال من عقلية “الخبير الملقن” إلى عقلية “مصمم التعلم”. ثم، يتعلم مبادئ التعلم لدى الكبار، مثل التعلم القائم على الخبرة والدافعية الذاتية. بالإضافة إلى ذلك، يطور المدرب وعيًا نقديًا بدوره وتأثيره. ونتيجة لذلك، تتشكل قاعدة فكرية جديدة تدعم المراحل اللاحقة.

المرحلة الثانية (الأيام 31–60): اكتساب مهارات التدريب الحديثة

بعد ترسيخ العقلية الجديدة، ينتقل المدرب إلى تطوير المهارات التطبيقية. في هذه المرحلة، يتعلم تصميم التجارب التدريبية بدلًا من إعداد العروض فقط. كما يستخدم أدوات مثل التعلم التفاعلي، وسرد القصص، والتيسير الجماعي. علاوة على ذلك، يتدرب على توظيف التكنولوجيا التعليمية بشكل هادف، دون الاعتماد المفرط عليها. لذلك، يصبح التدريب أكثر حيوية وتأثيرًا.

المرحلة الثالثة (الأيام 61–90): بناء الهوية الاحترافية والأثر المستدام

في المرحلة الأخيرة، يركز المدرب على ترسيخ هويته الجديدة. أولًا، يعمل على قياس أثر التدريب باستخدام مؤشرات أداء واضحة. ثم، يبني علامة مهنية تعكس أسلوبه وقيمه. بالإضافة إلى ذلك، يطور خطة تعلم مستمر تضمن له التحديث الدائم. وبهذا، لا يكتفي المدرب بتغيير أدواته، بل يؤسس لمسار مهني مستدام.

دور البحث العلمي في إعادة اختراع المدرب

يعتمد هذا التحول على نتائج أبحاث في علم الأعصاب التربوي، ونظريات التعلم البنائي، والتعليم القائم على المشكلات. حيث تؤكد هذه الدراسات أن التعلم الفعال يحدث عندما يشارك المتدرب بفاعلية. لذلك، يستند المدرب المعاد اختراعه إلى الأدلة العلمية بدل الاعتماد على الحدس فقط. كما يساهم ذلك في رفع مصداقيته الأكاديمية والمهنية.

الأثر المتوقع على جودة تدريب المدربين

عند تطبيق هذا النموذج، تتحسن جودة برامج تدريب المدربين بشكل ملحوظ. إذ يزداد التفاعل، ويرتفع مستوى نقل التعلم إلى بيئة العمل. بالإضافة إلى ذلك، يصبح المدرب عنصر تغيير داخل المؤسسة، وليس مجرد مقدم برنامج. وبالتالي، يتحقق عائد استثماري أعلى للتدريب.

خاتمة

في الختام، تمثل إعادة اختراع المدرب التقليدي خلال 90 يومًا استجابة علمية وعملية لتحديات العصر. فهي تجمع بين تغيير العقلية، وتطوير المهارات، وبناء الهوية المهنية. لذلك، يعد هذا النموذج خيارًا استراتيجيًا لكل مدرب يسعى إلى الاحتراف الحقيقي والتأثير المستدام في مجال تدريب المدربين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.